علي أنوزلا.
كانت مفاجأة الليبيين بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين للإطاحة بالنظام الملكي من قبل مجموعة من الضباط الشباب قادهم العقيد معمر القذافي، هي إعلان نجله سيف الإسلام أن والده أصبح من المقدسات التي لا يجب المس بها. ففي خطاب جماهيري على طريقة والده، أعلن سيف الإسلام أن الشريعة الإسلامية ومعمر القذافي وأمن واستقرار ووحدة أراضي ليبيا هي خطوط حمر لا ينبغي تجاوزها عند الحديث عن الديمقراطية.
سيف السلام، رغم أنه ليست له من صفة رسمية داخل أجهزة الدولة الليبية تمنحه الحق في تحديد «مقدسات» الشعب الليبي سوى أنه نجل القذافي، فأنه هو الوحيد داخل ليبيا القادر على انتقاد سياسات والده.
فهو مثل والده يصرح دائما بأنه لا يتحمل أية مسؤولية رسمية داخل الدولة الليبية، ومع ذلك يعطي لنفسه الحق في انتقاد سياسات الأب التي أفقرت الشعب الليبي طيلة ثمانية وثلاثين عاما من الحكم الفردي المتهور.
فالقذافي الذي يعتبر اليوم أقدم حاكم في العالم بعد ديكتاتور كوبا العجوز فيديل كاسترو، كان دائما يرفض أن يوصف بالرئيس، ويقول عن نفسه بأنه مجرد «محرض» للجماهير الشعبية، رغم أنه الحاكم الفعلي داخل جماهيريته، يتحكم في القضاء والحكومة والإعلام ويملك مفاتيح البنك المركزي. لكن ابنه رفعه اليوم إلى درجة التقديس عندما وضعه في مرتبة تساوي تلك التي وضع فيها الإسلام.
وقصة آل القذافي مع القداسة قديمة، فالقذافي الأب مازال يعتقد أنه آخر أنبياء الصحراء، لذلك ألف كتابا مقدسا سماه «الكتاب الأخضر» كان البث التلفزي والإذاعي في ليبيا يبدأ ويختم إرساله بقراءة مقاطع منه. وفي كل الشوارع والإدارات عبارات مقتطفة من الكتاب الذي لم يكن أحد داخل ليبيا يجرؤ على انتقاد أفكاره السطحية والساذجة أحيانا. والوحيدة التي فعلت ذلك أمام العقيد القذافي كانت هي الصحافية الإيطالية أورليانا فلاتشي التي اشتهرت بحواراتها الساخنة مع زعماء العالم في فترة الحرب الباردة، فعندما حاصرت الصحفية العقيد القذافي بأسئلتها المحرجة حول أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا ومغامراته المجنونة في القارة السمراء، صرخ في وجهها بأن موضوع المقابلة هو مناقشة أفكار الكتاب الأخضر، فردت عليه الصحافية الإيطالية بهدوء:«كتابك الأخضر هذا أصغر من علبة البودرا التي أحملها في حقيبتي، ومطالعته لم تتطلب مني أكثر من ربع ساعة في الطائرة ولم أجد فيه ما يستحق النقاش»، وعندما أرادت الصحافية أن تنهي مقابلتها الشهيرة مع العقيد بادرته بالسؤال:«هل تؤمن بالإله؟» فأجابها القذافي مستغربا: «نعم، ولكن لماذا هذا السؤال؟»، فردت الصحافية: «لأني اعتقدت أنك أنت هو الإله»!
مع الأسف توفيت الصحافية الإيطالية قبل أن تتأكد من أن حدسها في نهاية السبعينات لم يكن خاطئا، فقبل أن يصرح نجل القذافي بأن والده خط أحمر لا يجب تجاوزه، كانت وكالة الأنباء الرسمية الليبية «جانا» قد نشرت قبل سنة خبرا يتحدث عن كرامات العقيد القذافي في القارة السمراء، عندما هطلت الأمطار بغزارة على المصلين الذين كان يؤمهم القذافي في إحدى القرى الإفريقية الفقيرة، فاعتبرت الوكالة أن سقوط الأمطار بغزارة خارج موسمها إحدى كرامات القديس القذافي.
مع الأسف، فما ينتظر الشعب الليبي ليس هو الديمقراطية التي يعده بها اليوم نجل القذافي، وإنما سنوات أخرى من الحكم الفردي عندما يرث سيف الإسلام عرش والده، وما حديثه اليوم عن الدستور والديمقراطية إلا تمهيدا للخلافة على سنن ديمقراطية الواجهة التي تزين خرائط العالم العربي.
سيف السلام، رغم أنه ليست له من صفة رسمية داخل أجهزة الدولة الليبية تمنحه الحق في تحديد «مقدسات» الشعب الليبي سوى أنه نجل القذافي، فأنه هو الوحيد داخل ليبيا القادر على انتقاد سياسات والده.
فهو مثل والده يصرح دائما بأنه لا يتحمل أية مسؤولية رسمية داخل الدولة الليبية، ومع ذلك يعطي لنفسه الحق في انتقاد سياسات الأب التي أفقرت الشعب الليبي طيلة ثمانية وثلاثين عاما من الحكم الفردي المتهور.
فالقذافي الذي يعتبر اليوم أقدم حاكم في العالم بعد ديكتاتور كوبا العجوز فيديل كاسترو، كان دائما يرفض أن يوصف بالرئيس، ويقول عن نفسه بأنه مجرد «محرض» للجماهير الشعبية، رغم أنه الحاكم الفعلي داخل جماهيريته، يتحكم في القضاء والحكومة والإعلام ويملك مفاتيح البنك المركزي. لكن ابنه رفعه اليوم إلى درجة التقديس عندما وضعه في مرتبة تساوي تلك التي وضع فيها الإسلام.
وقصة آل القذافي مع القداسة قديمة، فالقذافي الأب مازال يعتقد أنه آخر أنبياء الصحراء، لذلك ألف كتابا مقدسا سماه «الكتاب الأخضر» كان البث التلفزي والإذاعي في ليبيا يبدأ ويختم إرساله بقراءة مقاطع منه. وفي كل الشوارع والإدارات عبارات مقتطفة من الكتاب الذي لم يكن أحد داخل ليبيا يجرؤ على انتقاد أفكاره السطحية والساذجة أحيانا. والوحيدة التي فعلت ذلك أمام العقيد القذافي كانت هي الصحافية الإيطالية أورليانا فلاتشي التي اشتهرت بحواراتها الساخنة مع زعماء العالم في فترة الحرب الباردة، فعندما حاصرت الصحفية العقيد القذافي بأسئلتها المحرجة حول أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا ومغامراته المجنونة في القارة السمراء، صرخ في وجهها بأن موضوع المقابلة هو مناقشة أفكار الكتاب الأخضر، فردت عليه الصحافية الإيطالية بهدوء:«كتابك الأخضر هذا أصغر من علبة البودرا التي أحملها في حقيبتي، ومطالعته لم تتطلب مني أكثر من ربع ساعة في الطائرة ولم أجد فيه ما يستحق النقاش»، وعندما أرادت الصحافية أن تنهي مقابلتها الشهيرة مع العقيد بادرته بالسؤال:«هل تؤمن بالإله؟» فأجابها القذافي مستغربا: «نعم، ولكن لماذا هذا السؤال؟»، فردت الصحافية: «لأني اعتقدت أنك أنت هو الإله»!
مع الأسف توفيت الصحافية الإيطالية قبل أن تتأكد من أن حدسها في نهاية السبعينات لم يكن خاطئا، فقبل أن يصرح نجل القذافي بأن والده خط أحمر لا يجب تجاوزه، كانت وكالة الأنباء الرسمية الليبية «جانا» قد نشرت قبل سنة خبرا يتحدث عن كرامات العقيد القذافي في القارة السمراء، عندما هطلت الأمطار بغزارة على المصلين الذين كان يؤمهم القذافي في إحدى القرى الإفريقية الفقيرة، فاعتبرت الوكالة أن سقوط الأمطار بغزارة خارج موسمها إحدى كرامات القديس القذافي.
مع الأسف، فما ينتظر الشعب الليبي ليس هو الديمقراطية التي يعده بها اليوم نجل القذافي، وإنما سنوات أخرى من الحكم الفردي عندما يرث سيف الإسلام عرش والده، وما حديثه اليوم عن الدستور والديمقراطية إلا تمهيدا للخلافة على سنن ديمقراطية الواجهة التي تزين خرائط العالم العربي.
--
::YEMEN EYE::
No comments:
Post a Comment